يمر بهم من أحاديث وآثار، لا فرق بين باحث مبتدئ، وباحث متمرس، ونرى من مزايا البحث عن فاحصه ظهور شخصية الباحث في بحثه، ويعنون بذلك نصه على حكم كل رواية تمر به، على حين يوجه نقد لاذع إلى باحث أحجم عن التصريح بأحكامه، أو بعضها، وتعدى هذا إلى المنتسبين لفنون أخرى غير السنة النبوية، كالفقه، والتفسير، والعقيدة.
وأصبح هذا هو العرف السائد في الأوساط العلمية، فما من باحث يتصدى لتحقيق كتاب، أو للكتابة في موضوع ما إلا وتراه يتعاطى نقد الأسانيد، على تفاوت بينهم.
وغير خاف أن مرد ذلك في أغلبه إلى تصور كثير من المشايخ والباحثين سهولة تعاطي نقد السنة، فما هو إلا دراسة كتيب مختصر في المصطلح، ثم العمل بعد ذلك.
ولو كنا في سبيل تعداد المداخل التي ضعف بسببها نقد السنة -وما أكثرها- لكان هذا المدخل في مقدمتها، ولا أتردد لحظة واحدة في وصف هذا التصور بأنه خاطئ تمامًا، وأن من المهم جدا صرف كثير من الجهد في سبيل اطلاع الباحثين من متخصصين وغيرهم على حقيقة الأمر.
وإذا كنا نبذل جهودًا للعودة بالنقد إلى منهجه الصحيح، وشرح هذا المنهج للناس، فإن من المتحتم أن يكون هذا الشرح وهذا البيان يقود إلى علاج الداء الذي وصفته، وإلا فهو شرح وبيان غير واف، وهذه النقطة لم تنفك عن مخيلتي أبدا، منذ مدة طويلة، فقد وضعت في ذهني وأنا أسبر عمل الباحثين وكلماتهم، أن أساهم بقدر المستطاع