في العلاج، إن قدر لي الكتابة في قواعد وضوابط النقد.
وعلى هذا فإنني أقول إن من أغراض هذه السلسلة -بالإضافة إلى مساعدة الباحثين في السير على المنهج الصحيح للنقد- أن تسهم في كبح جماح هذا الاندفاع المحموم نحو ممارسة النقد، وأن تصرف قدرا كبيرا من الباحثين عما كانوا يقومون به، أو ما كانوا ينوون القيام به، بعد معرفتهم بصعوبة الأمر، وطول الطريق، وكثرة العقبات، فتبعد من كل مئة باحث تسعا وتسعين، وتبقي واحدا.
ولو قدر لهذه السلسلة أن تفي بهذا الغرض وتؤديه، لكان هذا مكسبا عظيما، أفتخر به، وإن لم يتحقق غيره، ونحن إلى قليل نافع أحوج منا إلى كثير لا فائدة منه.
وتحقيق هذا الغرض أحد الأسباب التي دفعتني إلى الإكثار من ضرب الأمثلة على الأخطاء التي يقع فيها المشتغلون بنقد السنة، وسيرى القارئ الكريم إذا رآها أو شيئا منها أنني غير مبالغ فيما قلته آنفًا.
وتحقيقا لهذا الغرض أيضا سيجد القارئ -وإن كان باحثا متخصصا- أنني ربما تعمقت في بحث بعض القضايا، وأبنت عن الدقة فيها وفي تطبيقها، وأنني عرضت بعض القضايا على طريقة الاختلاف، فهناك أقوال وأدلة ومناقشات، والمقصود بيان أن تحرير قواعد أئمة النقد قد لا يكون متيسرًا دائمًا، فالباحث قبل التطبيق بحاجة إلى أن يكون له اجتهاد في القاعدة التي يطبقها.
الأمر الخامس: قد يقول قائل: إذا كنت تأمل من قراء هذه السلسلة أن يكفوا أو يكف الكثير منهم عن ممارسة النقد فماذا بقي