للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بغداد، ونصب له المنبر في مسجد الرُّصَافة، فجلس عليه، فقال من حفظه: حدثنا شَرِيْك، ثم قال: هي بغداد، وأخاف أن تزل قدم بعد ثبوتها، يا أبا شيبة (يعني ابنه إبراهيم) هات الكتاب" (١).

ودفع هذا السبب بعض الأئمة إلى التزام عدم السماع من بعض الرواة الذين يخشى من خطئهم إذا حدثوا من حفظهم إلا من كتبهم، قال أحمد: "كان حفظ المقرئ (يعني عبد الله بن يزيد) رديئا، وكنت لا أسمع منه إلا من كتاب" (٢).

وقال أحمد أيضا: "كل ما سمعنا من غندر من أصل كتابه -قرأه علينا-، إلا حديثا واحدا عن عبد الرحمن بن القاسم، طويل، من حديث شعبة، في بيعة أبي بكر" (٣).

وقال يحيى بن معين: "قال لي عبد الرزاق: اكتب عني ولو حديثا واحدا من غير كتاب، فقلت: لا، ولا حرفا" (٤).

ولا شك أن التزام الرواة التحديث من كتبهم لو تم أضبط للرواية وأحكم، كما قال الذهبي: "الورع أن المحدث لا يحدث إلا من كتاب، كما كان يفعل ويوصي به إمام المحدثين أحمد بن حنبل" (٥).

غير أن الواقع بخلاف ذلك، فقد حدث الكثير من الرواة من


(١) "تاريخ بغداد"١٠: ٦٧.
(٢) "العلل ومعرفة الرجال"٣: ٤٧٤.
(٣) "العلل ومعرفة الرجال"٢: ١٧٥، وانظر: "المعرفة والتاريخ"٢: ١٥٦ - ١٥٧، و"تهذيب التهذيب ٩: ٩٧.
(٤) "مسند أحمد"٣: ٢٩٧، وانظر: "العلل ومعرفة الرجال"٢: ٦٠٥ - ٦٠٦، ٣: ١٥.
(٥) "سير أعلام النبلاء"٩: ٣٨٣.

<<  <   >  >>