للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أكتب عمن يغلط في عشرة؟ قال: نعم، قيل له: يغلط في عشرين؟ قال: نعم، قلت: فثلاثين؟ قال: نعم، قلت فخمسين؟ قال: نعم" (١)، وقال أيضا: "قلت لعبد الرحمن بن مهدي: أكتب عمن يغلط في مئة؟ قال: لا، مئة كثير" (٢).

فهذا الجواب ليس على ظاهره وأن ذلك محدد بعدد، إذ عرف من مذهب عبد الرحمن بن مهدي أنه لا يترك حديث الرجل حتى يكون الغالب عليه الوهم والغلط (٣)، فكأنه أراد في جوابه لسليمان بن أحمد غير المكثرين جدا من الرواية، وغير المقلين جدا، فلا يعارض هذا أنهم ربما ضعفوا الراوي بالخطأ في الحديث الواحد لقلة حديثه (٤).

ويضاف إلى مراعاة مقدار الخطأ والصواب في حديثه نوع الخطأ الذي وقع فيه، فبعض الأخطاء وإن كانت قليلة قد يكون أثرها في الحكم على الراوي أقوى من غيرها، فمثلا إذا حدث الراوي فاختلفت روايته بين إرسال ووصل أهون من أن ينقلب عليه الإسناد، كما قال يعقوب بن شيبة في هشام بن عروة: "هشام مع تثبته ربما جاء عنه بعض الاختلاف، وذلك فيما حدث بالعراق خاصة، ولا يكاد يكون الاختلاف عنه فيما يفحش، يسند الحديث أحيانا ويرسله أحيانا، لا أنه يقلب إسناده ... " (٥).


(١) "الجرح والتعديل"٢: ٢٨.
(٢) "الجرح والتعديل"٢: ٣٣.
(٣) "التمييز" ص ١٧٨، و"الجرح والتعديل"٢: ٣٨، و"الكامل"١: ١٦٦، و"الكفاية" ص ١٤٣، و"شرح علل الترمذي"١: ٣٩٨.
(٤) انظر مثلاً: "أسئلة البرذعي لأبي زرعة" ص ٣٥٣.
(٥) "شرح علل الترمذي"٢: ٧٦٩.

<<  <   >  >>