وقد يرجح بين القولين إن رأي في نفسه القدرة، وتحمّل تبعة ذلك شرعًا، فحكمه فتوى، يشترط له ما يشترط للفتوى.
وللباحث المشارك نظر في أحاديث لم يقف على حكم للأئمة فيها، بعد أن بذل غاية وسعه في البحث عنه، فيجتهد في الحكم، مطبقا قواعد الأئمة، مستخدما جميع ما يلوح له من قرائن تربطه بأحكامهم.
وهو في كل ذلك معترف بتقصيره، مدرك لمنزلته بالنسبة لأولئك النقاد، مستخدما معهم عبارات الإجلال والإكبار، إن ناقش أحدا منهم ناقشه بأدب واحترام، يطرح رأيه بطريقة تليق بحاله، خائف وجل، مبتعد عن العبارات التي توحي بالثناء على النفس.
وغير خاف أن ما تقدم يحتاج إلى مجاهدة للنفس، وترويض لها، فهي ضعيفة، تواقة لكل ما تظنه يرفع من شأنها، وإن كان بغير حق، فالمتأمل في كتابات بعض الباحثين الذين يتعاطون نقد السنة يرى عجبا: تسامقا وتعالما، وعبارات خشنة في حق الأئمة، لا تليق بآحاد الناس.
ويجد القارئ الكريم في هذه السلسلة ما يعينه على الالتزام بما أرشدته إليه، حيث حرصت في كل موضوع منها على بيان العمل الذي يستطيع الباحث أن يقوم به، وكذلك إبراز منزلة أولئك النقاد، وما اختصوا به، فعلت ذلك في الجرح والتعديل، والاتصال والانقطاع، ومقارنة المرويات، وخصوصًا في هذا الأخير، فقد عقدت فصلا في بيان الوسائل التي كانت في حوزتهم، وفقدت فيمن بعدهم.
كما خصصت قسمًا كاملا من هذه السلسلة للحديث عن أئمة