فهي عبارة تطلق في كافة العلوم، فيكثر في تراجم العلماء قولهم فيه: مشارك في الفقه، أو أصول الفقه، أو التفسير، أو اللغة، أو الحديث، ويقولون على سبيل الإجمال: مشارك في كثير من العلوم، أو في علوم أخرى.
ومعنى هذا الوصف أنه ليس من أهل الفن المختصين به، لكنه يستطيع السير معهم، ويعرف مصطلحاتهم، ويفهم لغتهم، ويربط بين أحكامهم وبين قواعدهم التي يسيرون عليها في ذلك العلم، ولكثرة ممارسته لهذه القواعد يستطيع أن يوازن بين أقوالهم عند الاختلاف، ويشرح دليل هذا، ودليل هذا، وفق قواعدهم، وربما شاركهم في الأحكام، فرجح عند الاختلاف، واستدل للراجح، وناقش المرجوح.
والذي أقوله هنا -وأرجو أن يتأمله الباحث جيدا- أننا في هذا العصر في فن (نقد السنة) لا نستطيع تجاوز درجة المشاركة، ومن وصلها بعد جهد طويل وصبر وخبرة واسعة فقد بلغ الغاية.
ووصف المشارك ينبني عليه أشياء في نقد السنة، من أهمها أن أحكام الباحث على الأحاديث إنما تدور حول أحكام أهل النقد الأولين في عصر الرواية، فمهمة الباحث إذن التنقيب الشديد عنها، تصريحا أو تلميحا، فمتى رآهم متفقين على حكم، لم يجز له أن يخالفهم، وإن انقدح في ذهنه غير ذلك، وكذلك إذا وقف على حكم لإمامين أو ثلاثة مثلا لا يصح له أن يخالفهم، بل أقول إنه إذا وقف على حكم واحد منهم ولم يجد له مخالفا لزمه الوقوف عنده.
وإذا وجد الباحث أن الأئمة قد اختلفوا فله عمل في الاستدلال للقولين، إن لم يكونوا فعلوا ذلك، أو بعضهم، والموازنة بين قوليهم،