للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويقع مثل هذا كثيرا للرواة مع شيوخهم المختلطين (١).

وقد يكون ترك الأخذ عن الراوي أو التحديث عنه من باب الزجر والتأديب، ثم قد يكون هذا الأمر يتعلق بالرواية، كالإصرار على الخطأ، فالراوي إذا أخطأ ثم نُبِّه وأصر على خطئه فإنه يترك، نقل هذا عن جماعة من الأئمة، منهم شعبة، وابن المبارك، والحميدي، وأحمد، والدارقطني (٢).

وعزا ابن رجب ترك شعبة حديث عبد الملك بن أبي سليمان -وقد وثقه جماعة- لهذا السبب، وذلك في قصة حديث (الشفعة) المشهور، قال ابن رجب: "وإنما ترك شعبة حديثه لرواية حديث الشفعة؛ لأن شعبة من مذهبه أن من روى حديثا غلطا مجتمعا عليه، ولم يتهم نفسه فيتركه-ترك حديثه" (٣).

وقد يكون الزجر والتأديب لأمر لا يتعلق بالرواية، كالدخول في عمل للسلطان، أو الإكثار من الفتوى بالرأي، قال أبو داود: "كان وكيع لا يحدث عن هُشَيْم، لأنه كان يخالط السلطان، ولا يحدث عن إبراهيم بن سعد، ولا ابن عُلَيَّة ... " (٤).

وكان والد وكيع على بيت المال، فكان وكيع إذا حدث عن والده


(١) انظر: ما تقدم في الفصل الأول (الحكم على الراوي) مبحث (اختلاف حال الراوي) الصورة السادسة.
(٢) "الجرح والتعديل"٢: ٣٢، و"معرفة علوم الحديث" ص ٦٢، و"الكفاية" ص ١٤٣ - ١٤٧، و"شرح علل الترمذي"١: ٣٩٩ - ٤٠١.
(٣) "شرح علل الترمذي"٢: ٥٦٩، وانظر: "سنن أبي داود" حديث ٣٥١٨، و"سنن الترمذي" حديث ١٣٦٩، و"سنن ابن ماجه" حديث ٢٤٩٤، و"الجرح والتعديل"٥: ٣٦٨، و"الضعفاء الكبير"٣: ٣١، و"الكامل"٥: ١٩٤٠.
(٤) "سؤالات الآجري لأبي داود"١: ٢٨٤ وانظر: ١: ٢٨٦، و"سؤالات أبي داود" ص ٢٢٢.

<<  <   >  >>