للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وربما ترك الأخذ عنه خوفا من أهل بلده، لسوء رأيهم فيه، كما قال أبو زرعة: "ما تركت الكتابة عن عبد المؤمن بن علي إلا خوفا من أهل البلد أن يشنعو علي بإتياني إياه" (١).

وفي أحيان كثيرة يدع الراوي الأخذ عن شيخه في كبره، خوفا من نسيانه، واكتفاء بما أخذه عنه في حال قوته، أو لكونه استنزف شيخه لكثرة ما سمع منه، فلم يعد يسمع منه جديدا، وربما عبر عن هذا بالترك، وقد وقع هذا لعروة بن الزبير مع عائشة، قال أحمد: "حدثنا سفيان، قال: قال هشام بن عروة: قال أبي: لقد تركتها قبل أن تموت بكذا وكذا -قال سفيان: لقد تركتها قبل أن تموت بسنتين-، ما أسألها عن شيء- يعني عائشة-" (٢).

ومثله قول ابن المديني: "كان عطاء (يعني ابن أبي رباح) اختلط بأخرة، فتركه ابن جريج، وقيس بن سعد" (٣)، قال الذهبي: "لم يعن الترك الاصطلاحي، بل عنى أنهما بطَّلا الكتابة عنه، وإلا فعطاء ثبت رضي" (٤).

ويدل على ما قاله الذهبي، ما رواه سليمان بن حرب، عن بعض مشيخته قال: "رأيت قيس بن سعد قد ترك مجالسة عطاء، قال: فسألته عن ذلك، فقال: إنه نسي -أو تغير- فكدت أن أفسد سماعي منه" (٥).


(١) "أسئلة البرذعي لأبي زرعة" ص ٣٤٨، وانظر: "الجرح والتعديل"٦: ٦٦.
(٢) "العلل ومعرفة الرجال"١: ١٩٧.
(٣) "المعرفة والتاريخ"٢: ١٥٣.
(٤) "ميزان الاعتدال"٣: ٧٠.
(٥) "تهذيب التهذيب"٧: ٢٠٢.

<<  <   >  >>