للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكم من راو أمكنه السماع من آخر فلم يفعل، لأسباب مختلفة، غير ترك الأخذ عنه، فالأمر كما قال أبو داود بعد أن ذكر شيئا من هذا عن نفسه: "والحديث رِزْق" (١).

وقد يكون ترك الرواية عنه لسبب خاص بينه وبينه، كما في قصة مالك مع سعد بن إبراهيم الزهري المدني.

قال أحمد: "أي شيء يبالي سعد بن إبراهيم أن لا يحدث عنه مالك، ما أدري ما كان بلية مالك معه، حيث لم يرو عنه؟ زعموا أن سعدا كان وعظ مالكا -أي في تَنَسُّبه- فتركه" (٢).

ووثقه أحمد، فقيل له إن مالكا لا يحدث عنه، فقال: "من يلتفت إلى هذا؟ سعد ثقة رجل صالح" (٣).

وكذا قال آخرون في سبب عدم رواية مالك عنه (٤)، وأشار ابن المديني إلى سبب آخر، وهو أن سعدا لم يكن يحدث بالمدينة (٥)، -يعني ومالك لم يرحل عنها- فلم يسمع منه أصلا، فيعود ذلك إلى السبب الأول، وهو كونه لم يرزق الرواية عنه، ويؤيده أن مالكا روى بواسطة اثنين عنه (٦).


(١) "سؤالات الآجري لأبي داود"٢: ٢٩٥.
وسيأتي شرح هذه المسألة بأمثلتها في الباب الثاني الخاص بالاتصال والانقطاع، فمكانها هناك.
(٢) "سؤالات أبي داود" ص ٢٠٣.
(٣) "تهذيب التهذيب"٣: ٤٦٥، انظر: "علل المروذي" ص ٦٥.
(٤) "إكمال تهذيب الكمال"٥: ٢٢٤ - ٢٢٧، و"تهذيب التهذيب"٣: ٤٦٥.
(٥) "الجرح والتعديل"٤: ٧٩.
(٦) "علل المروذي" ص ٦٦.

<<  <   >  >>