للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأئمة عن الضعفاء: "فلا يغتر برواية الثقات عن الناس" (١).

فإذا جئنا إلى ترك الرواية عن الراوي وجدنا بعضهم قد ترك حديث من هو ثقة، تضعيفا له، فقد كان يحيى بن سعيد القطان لا يروي عن همام بن يحيى البصري، وهو ثقة (٢).

وقال ابن معين في محمد بن كَثِير البصري -وهو ثقة، وكان ابن معين يضعفه-: "لم يكن يستأهل أن يكتب عنه" (٣).

وربما وقع ذلك ممن لا ينتقي شيوخه، كما قال ابن معين في عبيد الله بن عمر القَواريري: "القَواريري يحدث عن عشرين شيخا من الكذابين، ثم يقول: لا أحدث عن رَوْح بن عُبَادة" (٤).

وفي أحيان كثيرة يُذكر في ترجمة الراوي أن فلانا لا يروي عنه، وليس ذلك من أجل ضعف حديثه عنده، فقد يكون لم يَتَّفِق له أن يأخذ عنه.

كما روى علي بن المديني، قال: "سمعت يحيى -يعني القطان- يقول: كان زِبْرِقان -يعني السَّرَّاج- ثقة، قلت ليحيى: كان ثَبْتا؟ قال: كان صاحب حديث، قلت: إن سفيان كان لا يحدث عن الزِّبْرِقان، قال: لم يره، ثم قال يحيى: ليت كل من يحدث عنه سفيان كان ثقة -يعني ثقة مثل الزِّبْرِقان-" (٥).


(١) "سنن الترمذي"٥: ٧٤٢، و"شرح علل الترمذي"١: ٣٧٤، لكن وقع في الأول: فلا يعتبر، وفي الثاني: "فلا تغتروا"، وما أثبته من مخطوط "سنن الترمذي".
(٢) "تهذيب التهذيب"١١: ٦٨، وانظر: ما تقدم في مبحث (معوقات الحكم على الراوي) (نقد النقد) في الفصل الأول.
(٣) "سؤالات ابن الجنيد" ص ٣٥٧، ٤٦٣.
(٤) "تاريخ بغداد"٨: ٤٠٣، وانظر: "سؤالات الآجري لأبي داود"٢: ١٨.
(٥) "الجرح والتعديل"٣: ٦١٠.

<<  <   >  >>