للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أحسن حديثا من خالد بن الحارث، وأحسن حديثا من يزيد بن زُرَيْع -فلم تركناه؟ -يعني كأنه يطعن عليه-، فقال له أبو خَيْثَمة: هذا ليس بحجة، كل من تركته أنت ينبغي أن يترك؟ ... " (١).

وإن لم يكن له قول في تضعيفه، أو كان يوثقه، حمل ترك الرواية عنه على معنى من المعاني المتقدمة غير التضعيف، ما لم يظهر ظهورا بينا خلاف ذلك.

والقارئ في كتب الجرح والتعديل يرى حرصهم على التفريق بين من يكتب حديثه من الضعفاء، وبين من لا يكتب حديثه، وربما عبروا عن ذلك بقولهم: "فلان يعتبر به"، و"فلان لا يعتبر به"، فالأول ضعيف يكتب حديثه وينظر فيه هل وافقه غيره؟ وأما الثاني فيطرح ابتداء، وهو الذي يقولون فيه كثيرا: "متروك الحديث".

وهذا الغرض من أهم أغراض الكتابة عمن فيه ضعف محتمل، قال إسحاق بن هانئ: "قيل له (يعني لأحمد): فهذه الفوائد التي فيها المناكير- ترى أن يُكتب الحديث المنكر؟ قال: المنكر أبدا منكر، قيل له: فالضعفاء؟ قال: قد يحتاج إليهم في وقت -كأنه لم ير بالكتابة عنهم بأسا-" (٢).

فتلخص مما تقدم أن من عرف عنه انتقاء شيوخه فمن يرتضيه ويروي عنه فأقل أحواله أن يكون مرتفعا عمن يترك حديثه، فهو داخل عنده في حيز القبول، وتتفاوت مراتبهم بحسب حال كل شخص منهم، فقد يكون في أعلى درجات الثقة، وقد لا يتجاوز درجة من هو ضعيف


(١) "تاريخ بغداد"٨: ٤٠٣.
(٢) "مسائل إسحاق"٢: ١٦٧.

<<  <   >  >>