للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وغيرهم من الأئمة" (١).

وقال علي بن المديني: "إذا اجتمع يحيى بن سعيد، وعبد الرحمن بن مهدي، على ترك رجل لم أحدث عنه، فإذا اختلفا أخذت بقول عبد الرحمن، لأنه أقصدهما، وكان في يحيى تشدد" (٢).

ويلتحق بيحيى القطان من نص الأئمة على مذهبهم في عدم التسامح، مثل جعفر بن محمد الطيالسي صاحب يحيى بن معين، قال فيه الخطيب: "كان ثقة ثبتا، صعب الأخذ، حسن الحفظ ثم أسند عن ابن الأعرابي قوله: "سمعت جعفر بن أبي عثمان الطيالسي قال: سمعت يحيى بن معين يقول: لو أدركت أنت زيد بن الحُبَاب، وأبا أحمد الزبيري، لم تكتب عنهم -يعني في شدة أخذه عن الشيوخ-، قلنا لجعفر: لم؟ قال: إنما كانوا شيوخا" (٣).

الحالة الثانية: رواية حديث الراوي بواسطة، وهذه أيضا يكون فيها انتقاء للرواة، فكما أن بعض الرواة يحدثون عن بعض الشيوخ الذين أدركوهم، ويدعون بعضهم، فكذلك الحال مع من لم يدركوهم، ينتقون من يروون له الحديث.

ويعد هذا الصنيع منهم حكما على الراوي بالقبول أو الترك، نرى هذا بوضوح في تراجم الرواة، والعبارات المستخدمة في ذلك ربما تأتي صريحة في الرواية بواسطة، ولكنها في الأغلب الأعم تشتبه مع عباراتهم في الحالة الأولى، فيقولون مثلا: "حدث عنه فلان"، أو "كان


(١) "سنن الترمذي"٥: ٧٤٤.
(٢) "تاريخ بغداد"١: ٢٤٣، وانظر: "شرح علل الترمذي"١: ٣٩٨.
(٣) "تاريخ بغداد"٧: ١٨٨.

<<  <   >  >>