للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما غير هذين الكتابين من الكتب التي تقدمت الإشارة إليها آنفا فإننا نجد في تراجم بعض الرواة الإشارة إلى أن ابن خزيمة يصحح له، أو ابن حبان، أو أبا عوانة، ولا شك أن هذا عمل سائغ، ولكن يبقى النظر في درجة انتقاء هؤلاء الأئمة لرواتهم المعروفين، ولا يخفى أنهم جميعا لا يدانون عمل البخاري ومسلم، وقد ذكر ابن حجر أن ابن خزيمة، وابن حبان، يحتجان بأحاديث أهل الطبقة الثانية الذين يخرج لهم مسلم أحاديث في المتابعات، كابن إسحاق، وأسامة بن زيد الليثي، ومحمد بن عجلان، ومحمد بن عمرو بن علقمة، وغير هؤلاء (١).

وما قاله ابن حجر أمر ظاهر، ولهذا نص هو وغيره على أن كثيرا من أحاديث الكتابين هي في عداد الحسن، وأن هذا اصطلاح لهما يدرجانه في الصحيح (٢).

فإذا ضم إلى ذلك جانب آخر -سيأتي الحديث عنه مفصلا- وهو جانب علل الأحاديث فإنني أقول إن منزلة الكتابين لا تعدو بحال "سنن أبي داود"، و"سنن النسائي"، بل إن الأخير فوقهما.

ويضاف إلى ذلك أن ابن خزيمة قد شحن "صحيحه" بأحاديث لا يرى صحتها، ويذكرها للنقد، فيتنبه لذلك.

وإذا كان هذا حال الكتابين -مع شهرتهما- فإن غيرهما من باب أولى، ولهذا فلا أجد غضاضة في القول بأن انتقاء الرواة فيما عدا


(١) "النكتب على كتاب ابن الصلاح"١: ٢٩١.
(٢) "النكت على كتاب ابن الصلاح"١: ٢٩٠، ٢٩١، و"فتح المغيث"١٧: ٤٣.

<<  <   >  >>