للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فمنهم من أخرجا له في الأصول، أي أنهما اعتمدا عليه وحده، ولو في بعض حديثه، ومنهم من أخرجا له في المتابعات، والشواهد، أو مقرونا بغيره، بل ربما جرى ذكر بعض الرواة في أسانيد عند الشيخين ولم يقصدا التخريج لهم (١).

فالراوي متى أخرجا له في الأصول فهو توثيق له عندهما، وإذا أخرج له واحد منهما فهو توثيق منه له كذلك، وعليه فكل من أخرجا له أو أحدهما بهذه الصفة فهو ثقة عند من أخرج له، فإن كان فيه توثيق صريح ضم إليه، وإن لم يكن فصنيعهما توثيق له، فليس فيمن أخرجا له أو أحدهما على هذا الوصف من هو مجهول الحال (٢)، ولا ريب أن ارتضاءهما للراوي قد يكون أقوى من توثيق مجرد منقول عن أحد النقاد.

هذا هو الأصل، لا يخرج عنه إلا بدليل ظاهر قوي، وسأضرب لذلك مثالا واحدا، فقد أخرج البخاري ومسلم لعُتْبَة بن مسلم المدني، وقد روى عنه جماعة من أهل المدينة، ولم ينص أحد على توثيقه، وأخرج له البخاري حديث أبي هريرة في (الذباب إذا وقع في الإناء)، عن عُبيد بن حُنَيْن، عن أبي هريرة (٣)، وهذا الطريق أقوى طرق هذا الحديث، وما عداه فلا يسلم من كلام، فاعتماد البخاري عليه في هذا الحديث توثيق له بلا ريب.


(١) سيأتي شرح هذا مفصلا في الكلام على مصطلح "شرط الشيخين"، في نهاية القسم الثاني (الاتصال والانقطاع).
(٢) انظر: "الموقظة" ص ٨٠، و"هدي الساري" ص ٣٨٤.
(٣) "صحيح البخاري" حديث ٣٣٢٠، ٥٧٨٢.

<<  <   >  >>