كتابه:"شفاء العليل بألفاظ وقواعد الجرح والتعديل"، بذل فيه جهدا مشكورا.
ومما يلاحظ في صنيع الأئمة الذين نظروا في كلام ابن أبي حاتم أنهم وإن خالفه أكثرهم في تفصيل بعض مراتبه، وضم مراتب أخرى، إلا أنهم كلهم وافقوه في الأمر المهم هنا، وهو أحكام مراتب الجرح والتعديل، فالمرتبة الأولى من مراتب التعديل، وهي التي فصلها الذهبي والعراقي إلى مرتبتين، وفصلها السخاوي إلى أربع مراتب- بقي حكم أهلها، وأنهم يحتج بهم، غاية ما فعلوه إذن أنهم جعلوا الثقات على مراتب، دفعهم لذلك الحاجة إلى الموازنة بين الثقات حين الاختلاف، -كما سيأتي في الباب الثالث-، وابن أبي حاتم نظر إلى اتفاقهم في الحكم، وهو الاحتجاج بحديثهم كلهم.
والمراتب الثلاث الأخيرة من مراتب التعديل عند ابن أبي حاتم جعلها الذهبي، والعراقي، والسخاوي، مرتبتين فقط، وكذا الثلاث الأولى من مراتب الجرح، جعلوها مرتبتين فقط، واتفقوا معه على أن أصحاب هذه المراتب مع تفاوتهم لا يحتج بحديثهم ابتداء، وإنما يكتب وينظر فيه.
والمرتبة الأخيرة من مراتب الجرح عند ابن أبي حاتم جعلها الذهبي، والعراقي، ثلاث مراتب، وجعلها السخاوي -ونقله أيضا عن الذهبي- أربع مراتب، وقصدوا بذلك أن أصحاب هذه المرتبة عند ابن أبي حاتم ليسوا على صفة واحدة، فمنهم من عرف واشتهر بوضع الحديث، ومنهم من رمي به، ومنهم من اتهم بذلك، ومنهم من ألحق بهؤلاء وإن كان يرتكب ما يرتكب عن غير عمد، وإنما يقع منه بسبب