للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

داود: بلغك عن عفان إنه ليكذب وَهْب بن جرير؟ فقال: حدثني عباس العَنْبَري قال: سمعت عليا يقول: أبو نُعَيْم، وعفان، صدوقان، لا أقبل كلامهما في الرجال، هؤلاء لا يدعون أحدا إلا وقعوا فيه" (١).

وسيأتي قريبا عن أحمد ما يؤيد هذا، وكذا جاء عن أبي خَيْثَمة زهير بن حرب (٢).

ولا يقال إن المعروف بالشدة من هؤلاء الأربعة هو يحيى القطان، وذلك لأن الشدة التي عرف بها لا تخرج عن النقد المقبول، فالذين تشدد معهم يحيى القطان هم في الغالب محل للكلام، فتشدده بناء على منهج ارتضاه وسلكه في هؤلاء، وقد مضى ما يوضح ذلك، ويأتي قريبا زيادة إيضاح.

وأما تشدد عفان، وأبي نُعَيْم، فيظهر من كلام ابن المديني، وأحمد، أنه لم يسلم منه أحد، وإن لم يكن موضعا للكلام فيه (٣).

وذكر ابن معين سببا آخر في أبي نُعَيْم بخصوصه، وهو تأثير معتقده -وهو ما عليه أهل الكوفة من التشيع- على أحكامه على الرواة (٤).

وهكذا يقال في النقاد قبل طبقة هؤلاء الأربعة وبعدها، إنما يبين منزلة الناقد في النقد: المعتنون به في وقتهم، المدركون له،


(١) "سؤالات الآجري لأبي داود"٢: ١٦.
(٢) "تاريخ بغداد"٨: ٤٠٣.
(٣) انظر نماذج من نقد هذين الإمامين: "سؤالات ابن الجنيد لابن معين" ص ٣٢٢، و "أسئلة البرذعي لأبي زرعة" ص ٧٤٤ - ٧٤٥، و"تاريخ بغداد"٨: ٤٠٣.
(٤) "سؤالات ابن الجنيد" ص ٤٦٩.

<<  <   >  >>