للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فمن الشروط ما يسقط الإخلال به نقد الناقد بالكلية، وهو كونه ثقة في نفسه غير متهم بالكذب، فمتى اتهم الناقد في رواياته بالكذب والوضع سقط نقده، كما في حال أبي مريم عبد الغفار بن القاسم الكوفي، كان عارفا بالرجال، وهو أحد الذين تتلمذ عليهم شعبة في النقد، لكن آل أمره إلى أن اتهم بالكذب والوضع، ورموه بالتشيع المفرط (١)، فأهملت أقواله، وربما ذكروها على سبيل الرد، كما في قول أبي داود: "قلت لأحمد: عمير بن سعيد؟ قال: لا أعلم به بأسا، قلت له: فإن أبا مريم قال: تسألني عن عمير الكذاب؟ -قال: وكان عالمًا بالمشايخ-، فقال أحمد: حتى يكون أبو مريم ثقة -ثم تكلم بكلامه-" (٢).

وتشبه حاله حال عبد الله بن سلمة البصري الأفطس، كان يتكلم بلامبالاة، ويُكَذِّب الثقات الحفاظ، واتهم بالكذب، فترك حديثه ونقده، قال أحمد: "ترك الناس حديثه، كان يجلس إلى أزهر، فيحدث أزهر، فيكتب على الأرض: كذب، كذب، وكان خبيث اللسان" (٣).

وقال البَرْذَعي: "وسمعته (يعني أبا زرعة) وذكر عبد الله بن سلمة الأفطس، فقال: كان عندي صدوق (كذا)، ولكنه كان يتكلم في عبد الواحد بن زياد، ويحيى القطان، وذكر له يونس بن أبي إسحاق، فقال: لا ينتهي يونس حتى يقول: سمعت البراء، قال لي أبو زرعة:


(١) "علل المروذي" ص ٩١، و"معرفة الرجال"٢: ٢١٠، و"الجرح والتعديل"٦: ٥٣، و"الميزان"٢: ٦٤٠، و"اللسان"٤: ٤٢.
(٢) "سؤالات أبي داود" ص ٢٩٢.
(٣) "العلل ومعرفة الرجال"٢: ٤٩٤، ٣: ١٢٧، ١٢٨.

<<  <   >  >>