للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الثبت، والبخاري قد يطلق على الشيخ: ليس بالقوي، ويريد أنه ضعيف" (١).

ومثل ما قال الذهبي في الموقف من أحكام المتشدد يقال في المتساهل، وقد جمعهما السخاوي بكلمة موجزة حيث قال: "ولوجود التشدد ومقابله نشأ التوقف في أشياء من الطرفين" (٢)، فإذا وثق المتساهل شخصا قد ضعفه غيره من المعتدلين توقف في توثيقه، وإذا ضعف شخصا قد ضعفه غيره من المعتدلين توقف في توثيقه، وإذا ضعف شخصا بعبارة لينة سهلة لم يعارض بها قوة عبارة من معتدل، كما في قول البزار في محمد بن الحسن بن زَبَالة المخزومي: "لين الحديث، لأنه روى أحاديث لم يتابع عليها، وقد حدث عنه جماعة من أهل العلم" (٣)، فمحمد بن الحسن في قول عامة النقاد دون قول البزار هذا بكثير، فمنهم من رماه بالكذب والوضع (٤)، فقول البزار إذا عرفت طريقته في اختيار عبارات التجريح لا معارضة بينه وبين أقوال الأئمة، ومثله قوله في السَّرِي بن إسماعيل: "ليس بالقوي، وقد حدث عنه الزهري وجماعة كثيرة، واحتملوا حديثه" (٥).

وفي قول الذهبي عمن ضعفه المتشدد دون بيان السبب، مع توثيق غيره: "فمثل هذا يتوقف في تصحيح حديثه، وهو إلى الحسن أقرب"- إشارة إلى أمر هام جدا في قضية التشدد والتساهل، وهي أن التشدد هنا ليس معناه تضعيف من هو ثقة مطلقا، وليس التساهل توثيق


(١) "الموقظة" ص ٨٣.
(٢) "فتح المغيث"٤: ٣٦٥.
(٣) "البحر الزخار"١: ١٣٤.
(٤) "تهذيب التهذيب"٩: ١١٥.
(٥) "البحر الزخار"١: ١٤١، و"تهذيب التهذيب"٣: ٤٥٩.

<<  <   >  >>