للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأحيان، كأن يكون شيخا له، أو رحل إليه، أو تفرد عن أقرانه بالرواية عنه، أو أحسن إليه (١).

قال الذهبي: "وقد يكون نفس الإمام فيما وافق مذهبه، أو في حال شيخه- ألطف منه فيما كان بخلاف ذلك، والعصمة للأنبياء وحكام القسط" (٢).

وهاتان الصورتان -التحامل، والمحاباة- كالقطرة في البحر، فهما نادرتان جدا بالنسبة لعموم كلام النقاد في الرواة، وما تحلوا به من الإنصاف والعدل، ولكن قد يحتاج إلى النظر فيهما في أحيان قليلة (٣).

* قلة الخبرة بالراوي، فالرواة كثيرون جدا، لا يجمعهم زمان ولا مكان، ووسائل الحكم عليهم واسعة أيضا، كما تقدم شرحها في الفصل الأول، والناقد قد تعوزه الوسائل للحكم على الراوي فيصرح بأنه لا يعرفه، وربما حكم عليه اعتمادا على غيره، كما تقدم إيضاحه، وليس بالغريب أن يعتقد الناقد تمكنه من الوسيلة، فيصدر حكمه عليه، ولا يكون في حقيقة الأمر متمكنًا.

وهذا أيضا قد يكون في أهل بلد معين، أو ناحية معينة، يعرف عن الناقد عدم خبرته بهم، كما في قول إسماعيل القاضي المالكي: "إنما يعتبر بمالك في أهل بلده، فأما الغرباء فليس يحتج به فيهم" (٤).


(١) انظر نماذج لهذا في: "العلل ومعرفة الرجال"٢: ٣٤٩ - ٣٥٠، و"سؤالات البرذعي لأبي زرعة" ص ٤٧٤ - ٤٧٥، ٦٩٨، و"المعرفة والتاريخ"٢: ١٣٧، ١٦٣، و"سير أعلام النبلاء"١١: ٤٤٧.
(٢) "الموقظة" ص ٨٤.
(٣) انظر: "التنكيل"١: ٥٢ - ٥٩.
(٤) "شرح علل الترمذي"١: ٣٨٠.

<<  <   >  >>