للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقوله: "وربما قالوا أيضا ... " يفهم منه أن أكثر ما يعنون بعبارة "ليس بثقة"، أنه لم يبلغ الدرجة العليا من الثقة، أو في أقل الأحوال يفهم منه ورود ذلك عنهم بكثرة، وما قرره ابن القطان محل تعقب، فهذا إن كان سائغا لغة فالاصطلاح بخلافه، كما قال ابن حجر بعد أن أورد أول كلام ابن القطان: "هذا التأويل غير سائع، بل لفظة "ليس بثقة" في الاصطلاح توجب الضعف الشديد ... " (١).

وما قرره ابن حجر ظاهر جلي، فإن كانت هذه العبارة غير لائقة بحال شعبه مولى ابن عباس فلابد من البحث عن مخرج آخر غير ما ذهب إليه ابن القطان.

وذكر ابن القطان أيضا قول أبي حاتم في سعد بن سعيد الأنصاري: "مود"، ثم قال: "واختلف في ضبط هذه اللفظة، فمنهم من يخففها، أي هالك، ومنهم من يشددها، أي حسن الأداء" (٢).

كذا قال ابن القطان، ووافقه عليه جماعة من الأئمة والباحثين (٣)، وظاهر جدا أن ابن القطان ذهب إلى معناها من جهة اللغة، فراح يفسرها به، غير أن معناها الاصطلاحي غير ما ذكره، وقد شرح ابن أبي حاتم مراد والده حين نقل عنه هذه اللفظة، قال ابن أبي حاتم: "سمعت أبي يقول: سعد بن سعيد الأنصاري مؤدي، قال أبو محمد: يعني أنه كان لا يحفظ، يؤدي ما سمع" (٤).


(١) "تهذيب التهذيب"٤: ٣٤٧.
(٢) "بيان الوهم والإبهام"٣: ٣٤.
(٣) "الميزان"٢: ١٢٠، و"تهذيب التهذيب"٣: ٤٧١، و"فتح المغيث"٢: ١٢٨.
(٤) "الجرح والتعديل"٤: ٨٤.

<<  <   >  >>