للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا كله في تفسير مراد سفيان بالإسناد الذي ذكره، وأن العقيلي فهم منه غمز سفيان لعُمَارة، وهو فهم قريب، وأما تحميل الخطأ عُمَارة فهذا يحتاج إلى نظر آخر ليس هنا مجال ذكره.

الثاني: نصوص أئمة النقد في الرواية -وكذا في الأمور الأخرى المتعلقة بنقد السنة- يجب فهمها وتنزيلها على أساس مصطلحاتهم هم، لا على أساس آخر، كالرجوع بها إلى أصل اللغة، ونحو ذلك، فإن لم تكن الكلمة ضمن مصطلح عام فتفسر بمساعدة قرائن الأحوال، مع التأني الشديد في التفسير، وتقليب الكلمة مرات عديدة، حتى يحصل الاطمئنان للمعنى الذي فهم منها.

وإنما قلت ذلك لأن القضية مزلة قدم، فربما تصدى بعض الناظرين في كلام النقاد لتفسير كلامهم فنقلوه من الجرح إلى التعديل، أو العكس، أو فسروه بما هو جرح شديد، وليس كذلك، وقد تقدم في قضية حكاية أقوال النقاد في المبحث الثاني (سلامة النص) نماذج لهذا.

ومن ذلك أيضا أن ابن القطان ذكر قول مالك في شعبة مولى ابن عباس: "ليس بثقة"، ثم عقبه بقوله: "مالك لم يضعفه، وإنما شح عليه بلفظة "ثقة"، وقد كانوا لا يطلقونها إلا على العدل الضابط، كما قال ابن مهدي: حدثنا أبو خَلْدة، فقيل له: كان ثقة؟ قال: بل الثقة شعبة، وسفيان، ففرق بين الثقة وغيره، ويظهر من أقوالهم في هذا أن هذه اللفظة إنما تقال لمن هو في الطبقة العليا من العدالة، وربما قالوا أيضا: ليس بثقة للضعيف أو المتروك، فإذن هو لفظ يَتَفَسَّر مراد مطلقه بحسب حال من قيل فيه ذلك" (١).


(١) "بيان الوهم والإيهام"٥: ٣٢٥، وقد سقط من النص عبارات أكملها المحقق.

<<  <   >  >>