درجته عند الناقد بعد، حتى يفرغ من النظر في أحاديثه.
وهذا يفسر قول النقاد كثيرا عن حديث ما: حديث منكر، أو خطأ، وفلان ثقة، أو لا بأس به، فالحديث إذن منكر، أو خطأ بغض النظر عن درجة راويه.
والإشكال الكبير الواقع في الدراسات النقدية هو قلب الصورة، أي الاعتماد على درجة الرواة في الحكم على أحاديثهم اعتمادا كليا أو شبه كلي، وربما زادوا على ذلك برد كلام النقاد استنادا إلى هذه الدرجة.
وهذه القضية ليست من السهولة بحيث أعالجها في هذه العجالة، ولذلك فإنني سوف أعود إلى تأكيدها وشرحها في مناسبات قادمة، فهي قطب الرحى بالنسبة للدراسات النقدية للسنة النبوية.
وغرضي من ذكرها هنا ما رأيته من عمل بعض الباحثين في التدقيق جدا في درجة الراوي، وكثرة التعقب على الأئمة المتأخرين كالذهبي، وابن حجر، فيما استخلصوه من أحكام على الرواة، فإذا قال الواحد منهم: فلان صدوق، تعقبه الباحث بأنه ثقة له أوهام، أو ثقة يهم، أو إذا قال: صدوق، قال: بل صدوق يخطئ، أو إذا قال: لين الحديث، تعقبه بأنه صالح الحديث، ونحو ذلك، فيقع التدقيق في عبارات متقاربة جدا، هي محل نظر واجتهاد، ولا تأثير لها يذكر في الحكم النهائي على الحديث.