للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال قتادة: "إذا سرك أن يكذب صاحبك فلقنه" (١)، ويروى هذا عن جماعة آخرين (٢).

ولهذا السبب توقف في جوازه بعض الأئمة، وفعله آخرون لغرض صحيح وهو قصد امتحان الرواة (٣)، لكن الأمر لم يقف عند هذا الحد، إذ لقن جماعة كثيرون من الرواة شيوخهم ثم رووا عنهم ما لقنوهم، وهذا بلا شك غير جائز، لكنه قد وقع، ولم يفت على الأئمة النقاد، فاستفادوا منه في معرفة درجة الراوي في عدالته وضبطه.

والخلاصة أن الحكم على الرواة بهذه الوسيلة شائع جدا، جاز الامتحان فيه جماعة منهم، فعرفوا بالضبط والتثبت.

فمن ذلك صنيع حماد بن سلمة مع ثابت البناني، قال حماد: "كنت أظن أن ثابتا لا يحفظ الأسانيد، كنت أقول له لحديث ابن أبي ليلى: كيف حديث أنس في كذا وكذا؟ فيقول: لا، إنما حدثناه ابن أبي ليلى، وأقول له: كيف حديث فلان في كذا؟ فيقول: لا، إنما حدثناه فلان" (٤)، وفي رواية عنه قال: "يقول الناس: القصاص لا يحفظون، فكنت أقلب على ثابت البناني حديثه -يعني أجرِّب حفظه-، فكنت أقول لحديث فلان: كيف حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى؟ فيقول: لا، حدثناه فلان، وأقول لحديث عبد الرحمن بن أبي ليلى: كيف حديث فلان؟ فيقول: لا، حدثنا عبد الرحمن بن أبي


(١) "مسند ابن الجعد" (١٠٦٩ - ١٠٧٠)، و"معرفة الرجال"٢: ٢١٨، و"الكامل"١: ٤٥، و"الكفاية" ص ٢١٧.
(٢) "مسند ابن الجعد" (١٠٧١)، و"الكامل"١: ٤٥.
(٣) "فتح المغيث"١: ٣٢٢.
(٤) "العلل ومعرفة الرجال"٢: ٥٢٧.

<<  <   >  >>