وأبو صالح مولى ضباعة، وهو شبه المجهول، كلاهما يروي عن أبي هريرة، وقد روى عنهما كامل بن العلاء أبو العلاء، ويروي عنهما من غير بيان، فيقع الاشتباه بينهما، وعدم التمييز.
وكذلك عبد الكريم بن مالك الجَزَري، وهو ثقة ثبت أيضا، وعبد الكريم بن أبي المُخَارِق البصري، وهو متروك الحديث، وقد اشتركا في بعض الشيوخ والتلاميذ، ويشتد الاشتباه بينهما أحيانا.
وخلاصة هذا الفصل أن على الباحث الاعتناء بتمييز رواة الإسناد، وأن لا يستروح إلى تقرير غيره حتى يتأكد بنفسه، إذ من المحتمل -إذا لم يفعل ذلك- أن يذهب جهده في دراسة الراوي، والنظر في أحكام النقاد عليه أدراج الرياح.
ومن المهم أيضا أن يدرك الباحث شدة الارتباط بين موضوعات نقد السنة، فما هو مقبل عليه لتحقيق باقي شروط الحديث الصحيح -وهي اتصال الإسناد، وانتفاء الشذوذ والعلل- له ارتباط وثيق بما قام به في دراسة الرواة، وتمييزهم؛ إذ من المحتمل أيضا أن يتغير حكمه على الراوي بعد دراسته لاتصال الإسناد وانقطاعه، أو قيامه بجمع الطرق والمقارنة بينها، وقد يحدث ذلك أيضا في تمييز رواة الإسناد، فقد تظهر دلائل وقرائن على أن الراوي الذي في الإسناد ليس هو الذي قام الباحث بدراسته، أو بترجيح أنه هو الذي في الإسناد.
وإذا أدرك الباحث ما تقدم -وهو المؤمل فيه- صار يبحث في اتصال الإسناد -وهو موضوع القسم الثاني من هذه السلسلة- وعين له على ما مضى، والأخرى على ما هو فيه، فإلى مباحث اتصال الإسناد، والله الموفق والمعين، وهو حسبنا ونعم الوكيل.