وربما عبر بعض الأئمة عن الصورة الثانية بالتوقف، والتوقف في دراسة الأسانيد بمعنى الرد والتضعيف.
قال الخطيب البغدادي:" ... مثال ما ذكرناه أن إسماعيل بن أَبَان الغَنَوي -شيخ كان بالكوفة غير ثقة-، وإسماعيل بن أَبَان الوراق - كان بها أيضا ثابت العدالة-، وعصرهما متقارب .. ، وكان يعقوب بن شيبة بن الصَّلْت قد كتب عنهما جميعا، فلو ورد حديث ليعقوب، عن إسماعيل بن أَبَان، لم يبين في الرواية أي الرجلين هو، ولا عرف السامع ما تمييز ذلك من جهة العلم بشيوخهما، والاستدلال بروايتهما - وجب التوقف فيه، وترك العمل به، لأنه لا يؤمن أن يكون رواية الغنوي الذي ثبت جرحه ...
ومما يضاهي أمر إسماعيل بن أَبَان أن في رواة الحديث اثنين يقال لكل واحد منهما: إسماعيل بن مسلم، وهما بصريان في طبقة واحدة، وحدثا جميعا عن الحسن البصري، نزل أحدهما مكة فنسب إليها، وكنيته أبو ربيعة، وكان متروك الحديث، والآخر يكنى أبا محمد، وهو ثقة ... ، ويميز بينهما بأن المتروك يعرف بالمكي، والآخر يعرف بالبصري والعبدي، وبأن الضعيف يروي عنه سفيان الثوري، ويزيد بن هارون، وأبو عاصم النَّبِيْل، والثقة يروي عنه يحيى بن سعيد القطان، وعبد الرحمن بن مهدي، ووكيع، وأبو نُعَيْم، فمن أشكل عليه أمرهما في حديث، وروي له عن أحدهما، فليميزه ببعض ما ذكرنا، وإلا وجب عليه التوف عن العمل بذلك الخبر حتى يتضح له" (١).
ومثل من ذكرهم الخطيب: أبو صالح ذَكْوان السَّمَّان، ثقة ثبت،