للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- هي جواب كلامك يا صاحبي! إذ كيف تقول «هؤلاء الجامدين» وأنت تعلم أنه رأي الإسلام وأنه الذي جاء به محمد ابن عبد الله صلى الله عليه وسلم؟ إنك لا تعرف الدين، وهذه بليّتنا مع أمثالكم؛ لا هم يعرفون فينطقون بعلم، ولا هم يسكتون فيريحون الناسَ وأنفسَهم. نعم يا سيدي، إن من يترك صلاته وصومه وحجّه لا يُعَدّ مسلماً ولو خدم البشرية ألف عام، لأن هذه أركان الإسلام، وكيف يقوم الصرح على غير ما أركان؟

* * *

لقد آن لهؤلاء الذين يجهلون الدين أن يفهموا حقيقته ويعرفوا أصله، أو يعترفوا بجهلهم ويجهروا بقصورهم!

إن الإسلام دين كامل، ومعنى «دين كامل» أنه ينير لمتَّبِعه كل خطوة يخطوها في الحياة، فهو أرأف به من أبيه وأحنى عليه من أمه، وأعرف بمنفعته ومصلحته من نفسه التي بين جنبيه، يدلّه على كل ما فيه خير له وصلاح وينهاه عن ما فيه ضير عليه ووبال.

والدين ثلاث شعب: إيمان وإسلام وإحسان. فالإيمان حق الله، والإسلام حق النفس، والإحسان حق الناس. وليست هذه الشُّعَب متباينة مفترقة، بل هي متلازمة متقارنة لا تفترق أبداً، فالصلاة ركن من أركان الإسلام، ولكنها إذا تجردت عن الإيمان، عن التفكير بجلال الله وكماله وعن حضور القلب وخشوعه، أصبحت ضرباً من القيام والقعود لا مغزى له ولا فائدة. والصيام ركن من أركان الإسلام، ولكنه إذا خلا من الإيمان، من الإخلاص لله وابتغاء وجهه، من مراقبته والابتعاد عن عصيانه، آضَ نوعاً من

<<  <   >  >>