الشقاء، شقاء نفس ليس لله حاجة بتركها طعامَها وشرابَها إذا هي لم تدع قول الزور والعمل به. والزكاة ركن من أركان الإسلام، ولكنها إذا ابتعدت عن الإيمان وداخلَها الرياء والفخر تحولت معصيةً لا ثواب عليها.
ومثل هذا يقال في كل طاعة من الطاعات، ما دام الأصل فيها توحيد الله وأن تكون خالصة لله. ولا يجوز لامرئ أن يقوم بحق الناس ويدع حق الله وحق النفس، بل إن من يهمل هذا لا يقوم بذاك، ومن لا يفي لربه بخمس صلوات في اليوم لا يفي لأمته وبلاده، ومن لا ينفع نفسه لا ينفع وطنه.
وإذا كسل عن القيام للصلاة -وهو يعلم أنها خير له من كل خير- فكيف ينشط للتضحية بنفسه وماله في سبيل وطنه؟ ومَن الذي يعمل للوطن لا يريد من وراء علمه شهرة ولا ذكراً في الناس حسناً؟ إن هذا من طبائع النفس البشرية التي لا انفكاك لها عنها، وإني لأحاول -عَلِمَ الله- حين أكتب أن لا أفكر إلا في ابتغاء الأجر من الله، فتغافلني نفسي وتفكر في استقبال الناس لما أكتب وسرورهم به ... هذا فيمَن يؤمن بأنه يعمل في سبيل دينٍ له ربُّه القادر على كل شيء، فكيف بأولئك الذين لا يكادون يعرفون لهم رباً؟
وما أدري كيف نعامل تارك الصلاة ونثق به؟ إنها لحماقة منا أن لا نكون منه على حذر وأن لا نسيء به الظن ونرقب منه الغدر، وقد أساء إلى نفسه وغدر بها، فمنع عنها خيراً كثيراً وسَدَّ في وجهها باب السعادة الأبدية بتركه الصلاة!