للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نعم، يريدون أن تموت، وليست هذه الإرادة فكرة جديدة، بل هي برنامج واسع الأطراف طويل الذيول، بُدئ بتنفيذه -فيما أحسب- منذ ذلك اليوم الذي زار فيه المفوض السامي السابق مدرسة التجهيز. هل تذكر ذلك الموقف الذي وقفَته «التجهيز» أمامه؟ هل تذكر ذلك الخطاب الذي ألقاه أحد أبنائها يومئذ؟ (١)


(١) في كتاب «هُتاف المجد» مقالة عنوانها «عام ١٩٦٠» قال فيها: "وقف مكتب عنبر موقفاً لا يُنسى لما جاء المفوض السامي جوفنيل يزور المدرسة، فاتفق الطلاب سرّاً على عدم استقباله، فدخل من الباب ومعه أركان الحكومة، ودعونا إلى الصف فما تحرك أحدٌ ولذنا بالجدران، فدخل مرتجفاً، فخطب أحد الطلاب بالفرنسية خطبة زلزلت أركانه، فقطع الزيارة ورجع من فوره! وكان التحقيق، فكانت الإدارة والطلاّب جميعاً على قلب رجل واحد، ما استطاعوا أن يعرفوا من دبّر الأمر ومن كان السبب فيه". وفي كتاب «دمشق» إشارة إلى هذه القصة وتفصيل لها، قال: "ومن مناقبه (أي الأستاذ جودة الهاشمي، مدير مكتب عنبر في ذلك الوقت) أنهم فتحوا باب تحقيق واسع إثر زيارة المسيو جوفنيل، وأعدوا أسئلة يسألونها التلاميذ ليعرفوا من دبّر الأمر ومن تولى كبره، واستدعوا التلاميذ كلهم واحداً بعد واحد ليجيب عليها. وكنت فيمن دُعي، فلما صرت في غرفة المدير وأخذت القلم لأكتب اقترب مني وقال لي هامساً: ما بتعرف شيء، مو هيك؟ قلت: نعم يا سيدي. وكتبت تحت كل سؤال: «لا أدري». وتبين أن التلاميذ كلهم أجابوا بـ «لا أدري»، وكان ذلك بتوجيه الأستاذ الهاشمي. ومرّ الحادث -على جلاله وعظمه- بسلام ولم ينل أحداً من التلاميذ كبيرُ سوء، ولو كان المدير غيرَه لقُوِّضت المدرسة على رؤوس مَن فيها" (دمشق، ص١٩٥ من الطبعة الجديدة) (مجاهد).

<<  <   >  >>