للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذا الموقف وهذا الخطاب هما سبب انتباههم للتجهيز وإرادتهم القضاء عليها، أو على هذه الروح، فأكثروا من الموظفين الأجانب فيها، ورفعوا دروس الفقه والتوحيد منها، ووضعوا فيها نوّاباً يتحكمون في التلاميذ كما يشاؤون.

ولكنهم وجدوا كل ذلك لم يُفِدْهم شيئاً، فأتوها بالكارثة الكبرى، بحادث الفحص الأخير، فنجح قصدهم وتَمّ لهم مرادهم، واستحالت قضيةُ «التجهيز» قضيةَ مستقبل الأمة. ولا يُبنى المستقبل إلا على العلم، ولا يُشاد صرحه إلا على عواتق الطلاب المبرّزين في دروسهم المخلصين لأمتهم وبلادهم، فإذا عدمت أمة مدارسها الوطنية وقذفت بأبنائها في هذه المدارس الأجنبية أضاعت أمانيّها وخسرت آمالها.

وإن هذه المدارس لم تُنشَأ للتثقيف والتعليم، بل أُنشئت لتكفّر الأبناء بدين الآباء، وتعيدهم إليهم هازئين بقوميتهم، ساخرين من تاريخهم، تاركين للغتهم، جاهلين بسِيَر عظمائهم وجَلال ماضيهم ... فهل يرضيكم أيها الناس أن تكون هذه المدارس هي العاملة على تربية أبنائكم؟ وهل يسرّكم أن تفتحوا لها بأيديكم قلوبَهم لتستعمرَها بسمومها وخبائثها؟ وإن استعمار القلوب لأنكى من استعمار البلاد، وإن سلاح العلم المزيف لأقطع في جسم استقلالنا من سلاح الجيوش والمدمرات، فمن منكم يرضى بهذا؟ من منكم أيها الناس يرضى بما سيكون من انتقال ثلاثمئة من أبناء «التجهيز» المسلمين إلى مدارس الفرير والعازارية واللاييك؟ لقد أصبح هذا الانتقال في حكم الواقع إذا لم يُعَد لهؤلاء فحصهم، وإذا لم يُرجَع إليهم حقهم. ثلاثمئة بين

<<  <   >  >>