ألا إن الأدب لا يجدي إذ لم يكن أدب الحياة، ولا يكون أدب الحياة حتى يتصل بها ويداخلها، فيعرف أمكنة ضعفها ومحالّ فسادها ويسعى لإصلاحها وتقويتها. ألا إن الأديب الذي يلهو بنفسه ويقنع بأحلامه -والأمة أحوج إلى أدبه في حياتها ونمائها- لَهو خائن بعهد الأمة كافر بدينها. ألا إن هذا الأدب المجرد، أدب الألهيّة الشريفة، ضرر علينا، وفي دعوتنا إليه عقوق وطننا، بل طعنة في صدره. فلنتركه غيرَ مأسوف عليه، ولننفض عن أنفسنا غبار الكسل ولندخل في دَور العمل.
إن الغلالة الرقيقة من الحرير لا تُلبَس يوم المعركة، فلنستبدل بها درعاً ولامة! إن درس الأدب للتلهّي سمّ زعاف تبثّه فينا أيدٌ معادية لتقعد بنا عن الجهاد وتسوقنا إلى الهلاك. ألا إن أخذنا بهذا المذهب، ونحن أبناء شعب في دَور التكوين والنضال لأجل الحياة، قتلٌ لشعبنا وقضاء على مستقبلنا.
إن الأدب المنتِج هو الأدب الذي يخدم القضية الوطنية الكبرى، ويربط ماضي الأمة بحاضرها ويعينها على النجاح في مستقبلها. فإن كان هذا، وإلا فسلام على أدب لا يُقصَد منه إلا التلهّي واللذة، وسلام على أصحابه المخلصين العاملين! (١)
* * *
(١) اقرأ مع هذه المقالة المقالةَ الأخرى: «الأستاذ شفيق جبري والوظيفة»، وهي في الصفحة ٣٠٨ في هذا الكتاب، وانظر الحاشية في آخرها (مجاهد).