الأمة، ومن يجثو بين يدي امرأة ويصب عقله في كأس من الخمر بمن يسير على رأس أمة عظيمة في حومة حرب ضروس إلى قمة الظفر وذروة الانتصار؟
أنلهو وأيّامنا تذهبُ ... ونلعبُ والدهر لا يلعبُ؟
* * *
لقد طغى الأدب الفرنسي على طائفة من أدبائنا وأغراهم به ما فيه من لذة ومتعة، فأقبلوا عليه وغاصوا على جواهره ولآلئه، وأصبحوا يتفاخرون بما لديهم منه وما عندهم من معرفة بمذاهبه وفنونه، فكان من ذلك ما نشكوه اليوم من ضعف العزة العربية في نفوسهم وهوان القضية الوطنية عليهم، وكان من ثمرة ذلك احتقارهم الأدب العربي وازدراؤهم إياه.
وأنا لا أنكر أن الأدب الفرنسي خليق بالدرس، ولا أنكر أنه لذيذ وممتع وأننا في حاجة إليه لنقوّي فينا ملكة الوصف ونتعلم فن القصة. أنا لا أنكر شيئاً من هذا، ولكني أنكر على أدبائنا أن يؤمنوا ببعض منه ويكفروا ببعض! إنهم يأتمّون بلامارتين ويَقْفون أثره في هذا الأدب المجرد، ناسين أن لامارتين نفسه يقول إن من يعيش في عالم الأحلام ويحيا في الخيال وغيرُه يسعى ويعمل إنما هو أضحوكة من أضاحيك الحياة خُلقت ليتسلى بها العقلاء العاملون! هذا في أمة بلغت في الميدان الاجتماعي مبلغاً جعل لها مكانتها السامية وقوتها العظيمة، فما قولك بأمة تعمل على أن يكون لها في الدنيا وجود كالوجود؟