للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عن ساعد الجِدّ والعمل، ويلقوا بأنفسهم في غمرات هذه الحرب الزَّبون، متخذين من أدبهم عدّة لأمتهم قوية ولواء لها مرفوعاً، ومثيراً لها وشادّاً من عزمها، لا مخدِّراً لأعصابها وصارفاً لها عن سبيل نجاحها كما فعلت أنت بأدبك! حتى إذا ما انجلى الغبار وآبوا بالنصر، وعُقد على جبينهم غار الظفر وأصبح لهم في الدنيا كيان ووجود، حُقَّ لهم أن يلعبوا ما شاؤوا ويتلهّوا ما أرادوا.

هؤلاء قادتنا، فيجب أن يتولى كل واحد منهم ثغراً من الثغور، ثم يرابط فيه حتى لا ينفذ البلاء من جهته إلا على جثته.

* * *

ألا إن أدباً تكون غايته الجمال واللذة لَهو أدب زائف لا يليق بأمة تريد أن تَجِدّ وتكافح وتريد أن تتبوأ تحت الشمس مكاناً لها سامياً، وهو -فوق هذا- أدب مضطرب مزعزع لأن الجمال واللذة شيء لا قاعدة له ولا مقياس، بل إن مقياسه الذوق، والذوق يتبدل بتبدل الأزمان والأمكنة والأفراد والأمم.

وهَبْ أن الفن يؤيد الأستاذ فيما دعا إليه ويقول به، فما هو هذا الفن؟ ولماذا ندرسه ونحترمه إذا كنا لا نريد به صلاح أمرنا وخدمة قضيتنا؟ أندرسه للهو واللعب؟ أنحترمه لأنه يخدّر أعصابنا ويقعد بنا عن العمل حتى ينزل الدمار برؤوسنا وتقع الخطوب على عواتقنا؟

ومن يقيس الأديب الذي يصور آلام الفرد بالذي يصور آلام الأمة، ومَن يستمد إلهامه من ذكرياته بمَن يستمده من ماضي الأمة الجليل، ومن يفكر في مستقبله مع حبيبته بمن يفكر في مصير

<<  <   >  >>