للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أنظر إلى النيل تارة وإلى ذلك الأفق البعيد أخرى، فأبصر فيه خيال وطني يلقي النور والحياة على تلك الخمائل الخضراء التي لا حدَّ لها، فأقف أمامه كأنني أمام محرابي، ولا أنتبه حتى تتوارى هذه الصورة في طيّات الظلمات فأعود إلى الدار أسيّاً حزيناً. ولا إخال الأمد يطول بي على هذه الحال، وما هي إلا واحدة من اثنتين: إما الشام وإما الحِمام!

اذكرونا مثلَ ذِكْرانا لكم ... رُبَّ ذِكْرى قَرَّبَتْ مَن نَزَحا

واذكروا صَبَّاً (١) إذا غنّى بكم ... شَرِبَ الدّمعَ وعافَ القَدَحا

* * *


(١) الصَبّ هو المشتاق، من قولنا: صَبّ إليه صَبَابَة. وقد كتب علي الطنطاوي مقالته هذه وهو في مصر في زيارته الثانية لها سنة ١٩٢٩، حين ذهب إليها عازماً على الإقامة والدراسة فيها، فقدم أوراقه إلى الجامعة المصرية أولاً، ثم عدل عنها وانتسب إلى «دار العلوم»، ثم لم يلبث أن ترك ذلك كله وعاد إلى دمشق. انظر تفصيل ذلك كله في الحلقة الرابعة والثلاثين من «الذكريات»، وفيها يقول: "أصبحت يوماً فإذا خاطر قويّ لم أملك له دفعاً يدفعني لترك دار العلوم والعودة إلى دمشق، وكان هذا الخاطر هو الموجة التي حوّلَت زورقي إلى ما هو خير لي، فاللهُمّ لك الحمد" (الذكريات ١/ ٣٥٩). والمقالات الثماني الآتية جميعاً كتبها ونشرها في «الفتح» وهو مقيم في مصر في تلك السنة أيضاً (مجاهد).

<<  <   >  >>