للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يلحقونهم ولكنهم لا يرون إلا أدبارهم ... صدق الأعشى:

عُلِّقْتُها عَرَضاً وعُلِّقَتْ رَجُلاً ... غَيري، وعُلِّقَ أُخرى غيرَها الرَّجُلُ

يقولون لنا: لا تذكروا الدين، بل فاذكروا الوطنية، اذكروا العروبة، نحن عرب قبل أن نكون مسلمين ... ولكن أخبروني أيها الأذكياء: ماذا كان العرب لولا الإسلام؟ وأيّ مجدٍ لهم لولاه؟ أليس بالإسلام قد فتحوا العالم ودكّوا العروش؟ أليس بالإسلام قد أنشؤوا الحضارة وشادوا العمران؟ أكانت هذه اللغة -وهي ركن العروبة- تبقى حية لولا القرآن كتاب الله الخالد؟ أكانت تَسْلم لكم لو لم ينشئ القرآنُ هذه الأمةَ المجاهدة، التي رفعت دعائم حضارة لم يشهد لها التاريخ مثيلاً من بداوة لم يكن في البداوة أعرق منها، وشادت مَدَنيّة دونها كل مدنية من بَيداء قاحلة ومَهْمَهٍ قَفْر، ثم أورثتكم صرحَ مجد شامخ الذرى أقامت أركانه على دماء أبنائها وأرواحهم ورفعت أسسه على الإسلام وتعاليمه، فنزعتم منه حجر الأساس حين نزعتم من رقابكم ربقة الإيمان، فهوى وتفرقتم تحته، فأصبحتم مختلفين بعد الاتفاق، ضعفاء بعد القوة، أذلاّء بعد العز، وطمع فيكم العدوّ فامتلك أزمَّتكم وصرّفكم تصريف العَجْماوات؟ فأولى لكم ما أنتم فيه وأجمل بكم!

* * *

ألا إننا لم نجد بداً -وهذه هي الحال- من أن نتقدم فنقف من هؤلاء موقف الخصم من خصمه، لا يصوّبون لهذا الدين

<<  <   >  >>