دعهم يضربوا ما أرادوا وتعال نتحدث. لا أتحدث إليك عن الحوت أهو حقيقة أم خرافة، هذا لا يهمني، ولكن أخبرني: لو كان في السماء حوت وعمد إلى القمر يريد أن يأكله، هل كان يخاف من طبولنا؟ هل كانت تُنتج إلا إتعاب أنفسنا وتثقيب آذاننا وإزعاجنا؟ إذن فعلامَ هذا العمل؟ إنك تقول ولا شك: إنه سخف!
ولكن يا سيدي، أليس مثله احتجاجنا وبرقياتنا ومراجَعاتنا؟ أليست كلها سخفاً في سخف ما دامت لا تنفعنا، ولا تردّ علينا بلادَنا المغصوبة ودماءنا المُهراقة وأموالَنا الضائعة؟
قتل الطليان المسلمين، ألقوا الزعماء من الطيّارات، هتكوا أعراض النساء، داسوا على المصاحف، سبّوا محمداً صلى الله عليه وسلم، فعلوا بالمسلمين كل منكر وأتوا معهم كل فظيع، فماذا صنعنا؟ احتججنا، كتبنا المقالات الحامية، خطبنا الخطب النارية، ثم نسينا كل شيء، ورجعنا نشتري بضائع الطليان وندفع لهم أموالنا جزاء ما فعلوه!
حُكي أن أعرابياً أرسلته أمه ليرعى مئة من الإبل، فعرض له لص يريد أخذها، فتغافل عنه وتركه، حتى إذا ذهب بها وقف يسبّه ويشتمه، ثم عاد إلى أمه فقال لها:«أوسعتُه شتماً وأَوْدى بالإبل»! وهكذا نحن؛ إنّ احتجاجاتنا على الظالمين كاحتجاجنا على الحوت، ومقالاتنا كطبولنا!