للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

برزوا فيها (مع احترامنا لأشخاصهم) لنرى كيف تقدموا إلى المناصب وكيف خرجوا منها، ثم نستخلص من هذا العرض مبدءاً نقرّه ونعمل بموجبه ونسير على مقتضياته:

(١) كانت الثورة في الشمال قائمة على قدم وساق يقودها إبراهيم هنانو وصبحي بركات، وقد أبى بركات أن يخضع وأن يستسلم فاضطرت السلطة المحتلة أن تعقد معه معاهدة الند للند، وجاءت به فجعلته رئيساً للبلاد السورية. فأكبر الناسُ فيه ذلك الإباءَ، ولا ننسى كيف احتفى به الدمشقيون حتى إنهم حلّوا جوادَي المركبة التي ركبها من محطة القطار وراحوا يجرّونها بأنفسهم! (٢) وقدّمت الكتلة الوطنية إلى منصب الحكم الشيخ تاج الدين الحسني، وأقامت له المظاهرات والمهرجانات في كل مكان، ولما أُعلنت الانتخابات للجمعية التأسيسية أطلقوا عليه لقب «تاج القائمتين»، أي القائمة الحكومية والقائمة الوطنية. (٣) وعندما تألفت الحكومة الحالية قدمت الكتلة الوطنية اثنين من رجالها للاشتراك في الحكم، هما جميل مَرْدَم ومظهر أرسلان، وراحت صحفها تتغنى بهذه "الخطوة الواسعة نحو الاستقلال التام الناجز" ...

وأخيراً كانت نهاية الكل واحدة، وبقدر ما كان الاحتفاء بهؤلاء الرجال عظيماً كانت النقمة عليهم شديدة، فأية عبرة يجب أن نستخلص من عرض هذه الحوادث ورجالها أمام الأنظار؟

تُرى ألم يكن من الأفضل أن لا يتقدم هؤلاء الرجال إلى مناصب الحكم؟ ألم يكن الأفضل أن يبقوا في صفوف المعارضين فلا تخسرهم الأمة إلى الأبد؟ ألم يكن الأفضل أن يبقى الوطنيون على سياستهم السلبية مُعْرضين عن هذه التجارب العقيمة التي

<<  <   >  >>