أضعنا فيها رجالاً وأموالاً وأرواحاً، وأضعنا وقتاً ثميناً بألاعيب لا نجد ما نقوله فيها غير أنها صبيانية؟!
ما ضرَّنا لو بقي هؤلاء الرجال في الجبهة الوطنية، يَلوح كل منهم بصفاته البارزة كلما اقتضى الأمر؟ ولكنه الخطأ الفاضح بوضع الشيء في غير موضعه أدّى إلى الحال التي نحن فيها، وإلى تلك العقيدة التي تقول بها أوربا وتتخذها مبدأ تسير عليه في سياستها الشرقية، وهي أننا قوم تستهوينا المناصب فننقاد إليها صاغرين.
المبدأ الذي يجب أن نسير عليه بعد الآن لتبقى لهذه البقية من الجبهة الوطنية مَنَعتها وقوتها ووَحدتها هو الابتعاد عن مناصب الحكم والرجوع إلى السلبية المطلقة، ما لم يعلن الجانب الفرنسي بصراحة وبصورة رسمية مشروعَه لحلّ القضية السورية كاملاً، فنناقشه إذ ذاك على صفحات الجرائد على المكشوف بلا مفاوضة ولا مفاوضين.
وما دمنا قد سلخنا ثلاث عشرة سنة ونحن على ما نحن، فلا بأس بثلاث عشرة سنة أخرى، ومضروبة بثلاثة عشر، والأمر يومئذ لله والنصر بيده يؤتيه من يشاء من عباده المخلصين (١).
* * *
(١) ما أشبه اليوم بالأمس؛ كانت الشام فصارت غيرها من البلدان وذهب رجال وجاء رجال، والحال هو الحال. غيّروا ما شئتم ممّا في هذه المقالة من أسماء، ويا للغرابة: ستبقى النتيجة ذاتها، وستحصلون على مقالة صالحة للنشر في صحف الغد! (مجاهد).