للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أتعرّف الضجّة التي أثارها خطابه والخلاف الذي قام بين الأدباء بشأن الأدب القوي والأدب الباكي إلا على السماع.

والكتاب، وإن كان -بعد هذا الإعلان الضخم الذي امتلأت به أسواق لبنان- أقلَّ مما كان يرقب الناس وأضأل، وإن كان الأستاذ يوصي الشعراء بإكرام سيبويه ونفطويه والكسائي، ثم يخالف سيبويه ونفطويه والكسائي وإخوانهم أجمعين مخالفة ترتجف لها عظامهم في قبورهم! وإن كان الأستاذ يسلك في كتابه أسلوباً لا يصيب من القارئ موطن الإحساس من نفسه ... أقول إن الكتابَ -وإن كان فيه هذا كله- صحيحُ الفكرة، والدعوة إلى الأدب القويّ التي بدأ يتولاّها مثل أحمد أمين في مصر وأمين الريحاني هنا، وأدعو إليها أنا (على ضعف قلمي)، دعوة صالحة مباركة.

ذلك أننا نشكو من شبّاننا «الناهضين» هذا التأنّث، ونحس أنهم يُعوزهم الصبر على مقارعة الحياة والنضال على البقاء، ولا نجد للمستقبل في شبّاننا ذخراً، ونؤمن بأن علاج هذا الداء هو الأدب. لأن الأديب لسان الأمة الناطق بمفاخرها الذائد عن حِماها، ألمُه لآلامها وسرورُه بسرورها. بل هو منها بمثابة القلب، فهل يُعقل أن يعيش القلب مبتوراً متفرداً، لا تربطه بالجسد رابطة ولا يتصل إليه بسبب؟

الأدباء قادة الأمة، والأمة كلها في نضال على الحياة، على الحرية، فيجب أن ينقلب الوطن كله إلى ثكنة يحارب فيها الأديبُ بشعره ونثره، والمدرّسُ بتربيته وتعليمه، والتاجرُ بدكانه وبضائعه، والصانعُ بصناعته وأدواته، والمرأةُ ببيتها وأولادها،

<<  <   >  >>