للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والأولادُ بدروسهم وكتبهم ... فكيف يفرُّ الأديب من المعركة -وهو الجندي الأول فيها- وينسى الأمة ويستسلم إلى الضعف، ويصبّ مواهبه وقوّته على قدمَي امرأة، يحيا بابتسامة منها ويفقد الأمل إذا هي عبست أو أعرضت؟

من الذي علّقَ حياتك وأملك -أيها الأديب- على ابتسامة امرأة، قد تكون ساقطة، وقد تكون مبغضة لك ساخرة بك مُحِبّة لدراهمك؟ من الذي سدَّ في وجهك سبيل النور وحجبك عن ملذات الحياة ومفارحها ولم يُرِك إلا آلامها وأحزانها؟ لماذا ترى سواد الليل ولا ترى بياض الضحى؟ لماذا تصف بكاء السماء بالمطر في الشتاء وتدَع ضحك الأرض بالزهر في الربيع؟

وكيف تنسى رجولتك في حبك؟ أَحِبَّ ولكن لا تنسَ دينك ولا رجولتك في حبك. ابقَ رجلاً، انتصب قائماً على قدميك وشدّ عضلاتك وقُل لمن تحب (بالحلال): تعالي! لا أن تجيئها خاملاً متهافتاً ضعيفاً، تجثو على قدميها وتقول لها من خلال دموع الضعف في عينيك: أنا أحبك! إن المرأة لو خُيِّرت لما اختارت إلا الرجل القوي في جسده وفي روحه، الذي يعمل على تحقيق أمله في مستقبله، أمّا الرجل الأصفر النحيل البائس اليائس الميت من قبل الممات، فماذا تصنع به؟ هذا يحتاج إلى ممرّضة لا إلى حبيبة!

* * *

ثم إن للشاعر مجالاً يُظهر فيه عاطفته غير نفسه؛ هنالك الأمة بماضيها ومستقبلها، فليفكر بعقل الأمة وليحسّ بحسّها،

<<  <   >  >>