للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بقَدْر مقدور لعلّة معروفة. ومنها ما هو بمثابة السم، كيفما تأخذه لا يأتي بخير (١).

أما النوع الثاني والأخير فخيرٌ لنا أن ندع البحث فيه في المجلة، وأن لا نملأ به صفحاتها ونهمل من أجله النوع الأول والثالث، وهما كل ما نحتاج إليه اليوم. على أنّ جُلّ ما يُنشَر في المجلة هو من النوع الثاني والأخير! فطريقة تدريس الرسم شيء لذيذ ممتع ولكنه كلذة الحلوى، لا تصلح للجائع الذي لا يجد الخبز. وترجمة بحوث التربية من الفرنسية شيء حسن، ولكنه ثوب خُلق لغيرنا، فلنصلح أكمامه وجيوبه حتى تصلح لنا قبل أن نلبسه واسعاً نضيع وسطه أو ضيّقاً يتمزق من دوننا! وليُعلَم أن هذه البحوث تختلف عن البحوث العلمية في الكيمياء وأمثالها، ولا يجوز أن نطلق عليها اسم «العلم» وننقلها على أنها حقيقة لا تتبدل، فهي تتبدل بتبدل العادات والسجايا الوطنية والدينية التي تنشأ عنها قواعد التربية. ولا شك أن كثيراً من هذه البحوث مما لا نستسيغه ولا يتواءم وعاداتنا وسجايانا الوطنية والدينية، كما لا يستسيغ الألماني بحوثَ التربية الأميركيةَ والفرنسيُّ اليونانيةَ والإسبانيُّ الإيطاليةَ.

وأما النوع الثالث فهو ضروري لنا ضرورة الدواء للجسم


(١) الأشهر والأصح أن «كيفما» لا تجزم الفعلين بعدها؛ هذا هو مذهب سيبويه وعامة البصريين، وخالف فريق من الكوفيين فاختاروا الجزم، وله عندهم شروط ليس هنا محل تفصيلها. وإنما أدرجت هذه الملاحظة خشية أن يظن بالشيخ اللحنَ بعضُ من يتلقّون في المدارس خلاف ذلك (مجاهد).

<<  <   >  >>