للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بدأ في الشعر أيامَ الشباب من جديد.

ومهما يكن من أمر الوظيفة، فإنها لا تجعل الناس يقولون عن صاحبها: هذا مؤلف «خطط الشام» وهذا مؤلف «الجاحظ» و «المتنبي» ... ولو كان صاحبها وزيراً أو رئيس ديوان (١). وقد نسي التاريخ أو كاد ينسى ملوك اليونان وكبار موظفيها، ولكنه لن ينسى أبداً الشحّاد هوميروس، وقد نسي التاريخ -كما يقول تيوفيل كويته- اللآلئ التي في تاج الملك الأكبر لويس الرابع عشر، ولكنه لم ينسَ الرُّقَع التي في حذاء كورنيل!

فليهنأ سيدي الأستاذ وليهدأ بالاً، وليعكف على الأدب فالأدب سبيل الخالدين. وما دام يرى الأدب أُلْهِيَّة فَلْيَلْهُ به ما شاء أن يلهو. ولكنا -على رأينا- لا نراه لَهْواً أبداً، ولا نرى لَهْوَ الأستاذ إلا الجِدّ كل الجد. وإذا كان شعر جبري وأدب جبري هو ما يسميه الأستاذ جبري لهواً، فما خلافنا مع الأستاذ إلا خلافاً في اللفظ! (٢)

* * *


(١) الكتابان الأخيران لشفيق جبري، أما الأول (خطط الشام) فهو لمحمد كرد علي. وكلاهما كانت له صلة بالمعارف في وقت من الأوقات، فقد ولي كرد علي وزارة المعارف مرتين وعمل شفيق جبري رئيساً لديوانها (مجاهد).
(٢) أردت -وأنا أُعِدّ هذا الكتاب للنشر وأختار مادّته- أن أستبعد من المقالات القديمة ما كان مرتبطاً بحادثة عابرة ذهبت أهميتها أو بمناسبة محدودة أفقدتها الأيامُ قيمتَها. ولعل هذه المقالة القصيرة من هذا النوع، لكن أمرين شجّعاني على ضمها إلى الكتاب؛ أولهما =

<<  <   >  >>