- حسن، وهل تظن أن تلاميذ «الفرير» وأشباهها أقوى في الفرنسية من تلاميذ «التجهيز»؟ ربما تقول إنهم أقوى في الكلام والتحدث، وربما كان هذا مسلَّماً، أمّا أن تقول أو يقول امرؤ إنهم أقوى في الإنشاء والترجمة فلا، وإنني أتحدى ذلك القائل وأدعوه إلى المباراة والمسابقة، إن شاء في عدد الأفراد النابغين في كلٍّ وإن شاء في المجموع. وأما هذا النظام الذي تهواه وتراه على أتمه في الفرير فأظن أنه يعجبك منه أن ولدك يبقى اثنتي عشرة ساعة كل يوم في حفظ المدرسة، وهذا دليل على قِصَر نظرك وضعف محاكمتك، ولو عقلت لعلمت أن ذلك شر ما تكسبه لولدك. وأما هذه الثقافة وهذا التحضر فما أدري قصدك منه، فإذا كنت تقصد بالثقافة العلومَ والمعارفَ ذهب كلامك كله هدراً، لأن أدنى طالب في «التجهيز» يصلح أستاذاً لأحسن طالب في الفرير وأشباه الفرير. والآن: اعتَرِفْ، اعترف أمامي بأنك تضحي بوطنية ابنك عمداً، اعترف بأنك تخون هذه الأمة بتمهيدك السبل لابنها البارّ بها ليصبح عدواً لها لدوداً وخصماً مؤذياً، اعترف أنك ... آه، إنني أستحي أن أقولها: أنك خائن!
* * *
هذا هو الحديث الذي دار بيني وبين صديق لي، رجل من سُراة البلد ووجهائه! وقد عرفتَ -أيها القارئ- من ثناياه كيف تفجعنا هذه المدارس بأبنائنا وكيف تعمل بنا ما لا تعمله الطيّارات والمدافع، لأن صاحب الطيارات نعلم أنه عدو لنا فنجتنبه، ولكن معلّمي هذه المدارس يخدعوننا حتى نحسن بهم الظن ونسلّمهم