أن يحافظوا عليها ولا يبدّدوها، فلما اطمأن إلى أَيْمانهم ووثق بعهودهم أغمض عينيه وأسلم روحه، وهو أروَح ما يكون نفساً وأهدأ بالاً.
قال كليلة: ويحك يا دمنة! ألا تخبرني ماذا كان بعد ذلك؟
قال: نعم، مات الأب، وعاش أولاده من بعده بنعمة وراحة لا يَشْكون ولا يختصمون، حتى نزل بهم في ليلة من ليالي الشتاء، حالكة الظلام شديدة القُرّ، ضيفٌ مسكين يشكو ألماً ويطلب دِفأً ويرجو طعاماً، فأطعموه وأدفَؤوه وداوَوه، ومنحوه ما شاء من عطايا ومِنَح، فلما ذاق طعم الغِنى والسعادة وأحس بلذة الترف والنعيم اقترب من أحدهم فقال له: إنك قد أحسنت إليّ وأكرمتني، ولا بد لي من مكافأتك على إحسانك ومن إنذارك بإخلاء الدار وترك الأموال قبل أن أسطو عليك وأعمل فيك سلاحي، فامنحني ما أريد طوعاً أو لا فامنحه كرهاً!
* * *
رأيت هذا المَثَل مَثَل فلسطين وصهيون، في كتاب «كليلة ودمنة»(في نسخة غير التي في أيدي الناس)، فرأيت فيه ما أفتتحُ به مقالي عن «البُراق».
والبراق جدار بيت الله، فيه أولى القبلتين وهو ثالث الحرمين الشريفين، والبراق جدار بيت الله الذي ضحى المسلمون في سبيله بأنفسهم وأزهقوا من أجله أرواحهم وأراقوا ثمناً له دماءهم، والبراق جدار بيت الله، شهد الله وتشهد ألف وثلاثمئة عام أنه