للمسلمين لا يشاركهم فيه مشارك، تشهد أنه لهم وحدهم خالصاً من دون الناس أجمعين (١).
الفلسطينيون حرّاس على هذا المُلك العام لكل المسلمين، فإذا فرّطوا فيه أو مكّنوا هؤلاء المتشردين، شُذّاذ الآفاق، من امتلاكه فقد خانوا هذه الأمانة وحنثوا بذلك العهد. وما كانوا ليفعلوا. وما كان عجيباً ثباتهم في الدفاع عنه، ولكن العجيب الذي لا أعجب منه ميل الإنكليز إلى الصهيونية وعطفهم عليها، وانصرافهم عن نصرة المسلمين أهل الحق الصريح!
* * *
إننا هنا لنتحدث بهدوء عن هذا العطف وهذا المَيل، وننظر: أفيه فائدة إنكلترا ونفعها، أم فيه ضررها والوبال عليها؟ ونمهّد
(١) «حائط البراق» هو الجدار الغربي للمسجد الأقصى في القدس، ويمتد بطول تسعة وأربعين متراً وارتفاع اثني عشر متراً، ويسميه اليهود «حائط المبكى»، وقد كان هو السبب في اندلاع ثورة عام ١٩٢٩ في فلسطين، وعلى تلك الأحداث وما بعدها بُنيت هذه المقالة. ففي تلك السنة حاول اليهود الاستيلاء على الجدار وتغيير معالمه ونشر الأعلام اليهودية عليه، فهَبَّ مسلمو القدس أولاً للدفاع عنه، ثم تبعهم مسلمو فلسطين جميعاً، واندلعت شرارة «انتفاضة» شعبية عارمة، وتصاعد الغضب من اليهود حتى فتك العرب في الخليل بيهود المدينة جميعاً وعددهم ستون، وكذلك صنع أهل صفد بيهود صفد، فتدخلت حكومة الانتداب وأعانت اليهود ونصرتهم، وانتهت الانتفاضة بمقتل وإصابة نحو خمسمئة من اليهود بأيدي العرب، ونحو أربعمئة من العرب بأيدي الإنكليز واليهود معاً (مجاهد).