للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكأنما من ثعبان، ولا والله ما كان الثعبان بأقبح مرأىً وأشدّ ضرراً من هؤلاء الفَسَقة المُجّان!

مسلمون يشربون الخمر، وهم يعلمون أنها محرَّمة في دينهم! مسلمون لا يعرفون من الإسلام إلا اسمه، ولا يمتّون إليه بصلة أوثق من صلة اللقب والأسرة والبلد! وماذا ينفع لقبٌ إسلامي وأسرةٌ إسلامية وبلدٌ إسلامي رجلاً يتجاوز حدود الله، فيحرّم ما أحل ويُحِلّ ما حرّم، ويأمر بالمنكر وينهى عن المعروف؟! وأين هو الإسلام في رجل يستحيي أن يقوم إلى الصلاة إذا كان في القوم المهذَّبين خشيةَ أن يقولوا إنه رجعي؟ وأين هو الإسلام في رجل يتقاعس عن الغضب لدينه إذا شتمه ونال منه الجاهلون خوفاً من أن يُرمى بالتعصب؟

إن الإسلام سلسلة متماسكة الأجزاء، لا سبيل لكم إلاّ إلى


= على الشبان الجاحدين كما هجمت في الرسائل الأولى على الشيوخ الجامدين، فوضعتُ نفسي بين حجرَي الرحى، وصرت كالواقف في الحرب بين الصفّين يتلقى السهام من الجانبَين" (الذكريات ٨/ ٣٩٢). وقد ذكر قصة هذه الرسائل بتفصيل جيد في الحلقة التاسعة والثلاثين من الذكريات، فمن شاء من القراء قرأها هناك، وهي في الجزء الثاني (ص ٩ - ١٣). ولما أصدر تلك الرسائل ذيّلها باسم: «أبي الهيثم، محمد علي الطنطاوي»؛ قال في الذكريات: "كنت أتكنّى بأبي الهيثم وأُمضي مقالاتي بهذه الكنية" (١/ ٣٨٩) وقال: "كنت أكتب في ذيلها «أبو الهيثم» يوم لم يكُن في دمشق من أعلم أن اسمه هيثم" (٢/ ٨٨). وهذه الرسائل جميعاً صدرت في النصف الثاني من سنة ١٩٣٠ (النصف الأول من السنة الهجرية ١٣٤٩)، وإن كنت لا أعرف تاريخ نشر كل منها بالشهر واليوم على التحقيق (مجاهد).

<<  <   >  >>