للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قبولها جملة أو رفضها جملة، أمّا أنكم تؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض، فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويومَ القيامة يُرَدّون إلى أشد العذاب، وما الله بغافل عما تعملون.

وليس الإسلام كالنصرانية، وليس يكفي صاحبَه ما يكفي صاحبَها من أن يحضر صلواتها ويعترف لقُسُسها وبطارقها، ثم يعيش في الحياة كالسائمة يُلقى حبلُها على غاربها فترعى ما ضرّها ونفعها وأفادها وآذاها! بل الإسلام دين كامل يُنير لمتّبعيه كل خطوة من خطى الحياة، ويدلّهم على كل غاية فيها لهم صلاح وهدى؛ فهو دين، وهو قانون، وهو كل شيء.

فهما ثنتان أيها القوم ولا ثالثة لهما، إما أن تكونوا مسلمين في سرّكم وجهركم، وجِدِّكم وهزلكم، وبيوتكم ومجامعكم، وفي كل أمر من أموركم ووقت من أوقاتكم، وإما أن تخرجوا من الإسلام وتخلعوا رِبْقَتَه (١) من أعناقكم وتنفضوا منه أياديكم، ثم تقولوا للناس إنكم كافرون مرتدّون، وإذن تخسرون كل شيء إذ تخسرون الإسلام ولا يخسر الإسلام -وربّ محمد- إذ يخسركم شيئاً. وإن ديناً تعهّد الله بحفظه لا يضيره أن يخرج منه أقوام علم الله أنهم لم يدخلوا فيه أبداً!

* * *


(١) الربقة (بكسر الراء وفتحها) عروة في حبل تُجعَل في عنق البهيمة أو يدها، والحبل كله اسمه الرِّبْق (بكسر الراء لا غير). وأصل هذا التشبيه من حديث للنبي صلى الله عليه وسلم فيه: «من فارق الجماعة قِيد شبر فقد خلع رِبْقَةَ الإسلام من عنقه، إلا أن يرجع» (مجاهد).

<<  <   >  >>