لقد ظهر الفساد في البر والبحر، وانتشر الإلحاد والفسوق في الأرض، وعطس الشيطان في مناخر أهله وزيّنَ لهم ونطق على ألسنتهم، فحسبوا أن الله تاركهم وضلالهم، وظنوا أنه لا يبعث لهم من يدمغ بالحق قلوبهم ويضرب به على أيديهم، فيَزهق الباطل ويعلو الحق، وكان الباطل زَهوقاً.
فالويل لكم يا رجال السوء، تُراؤون بالإلحاد كما كان يرائي الناس بالصلاح، وتجحدون ربكم وكلُّ جارحة من جوارحكم تشهد -لو أنطقها الله- إنكم كاذبون! وتبرؤون من دينكم وشرقيتكم حتى تُرضوا هؤلاء الغربيين وتتزلفوا إليهم، وهم لا يلتفتون إليكم ولا يقيمون لكم وزناً.
أفيكم واحدٌ يصمد لمقارعة الحجة بالحجة والدليل بالدليل؟ هل فيكم واحد يبرهن للناس على أنه مسلم وهو يكفر ويفسق، ويجهل من الإسلام كل ما جاوز اسمه؟ فافهموا إذن أن الله لا يقبل ديناً لا يُخلَص له، ولا يقبل ديناً تشركون فيه معه قوماً كافرين، حتى إذا لقيتم الذين آمنوا قلتم آمنّا وإذا خلوتم إلى شياطينكم قلتم إنا معكم إنما نحن مستهزئون!
* * *
لقد قدّرَ الله أن نكون في عصر أصبح فيه شُبّان العرب لا يرون لأنفسهم فخراً أكبر من تقليد الغربيين واقتفاء أثرهم فيما يضر وما ينفع، ولا وصمةً أكبر من الوفاء بحق العربية والقيام بشعائر دينها! قدّرَ الله أن نرى الرجل المسلم العربي تبلغ منه المدنية الغربية مبلغها، فإذا هو ملحد في دينه أعجمي في لغته،