غريب بأطواره بين أهله وعترته! قدّرَ الله أن يكون لنا من أنفسنا عدوٌّ لها صديقٌ لعدوّها، يعمل فيها عَمَلَ النار في الحطب إذا خالطته وهي ليست منه، أو عَمَلَ المجدِّدين في هذه الأمة إذا ادّعَوا إصلاحها وهم أبعد عنها من الأرض عن السماء!
نعم، قدّرَ الله كل ذلك لأن لله في الكون سنّة لا تتبدل، ولكنه أمرنا باليقظة والانتباه والسعي وإعمال الرأي وتحكيم العقل. فانتبهنا، فإذا نحن واقفون على حافة الهُوَّة، وإذا الهُوّة لا قرار لها، وإذا حبُّنا الغربيين وأخذُنا بعاداتهم يَنْقُض علينا موقفَنا حجراً حجراً، حتى يسقط بنا فنسقط فيها.
إذن فلتُطْوَ من تاريخنا تلك الصحيفة المشؤومة التي سجَّلْنا فيها على أنفسنا العجز والخضوع لهؤلاء الغربيين، ولنعد إلى ديننا فإن دينَنا الحقُّ لا حق سواه، ولنجهَرْ به في كل موطن من المواطن ونصدَعْ بأوامره في كل زمن من الأزمان، ولنتمسَّكْ بشعائره ونحافظ عليه، ونذبّ عنه ونبرأ ممّن لا يغضب له.
نحن مؤمنون دائماً، مؤمنون أبداً، فلتَنْشَقّ مرارة الملحدين من الغيظ وتتمزق حناجرهم من رَمْينا بالرجعية والتعصب، فلن نبالي بهم، ولن يُدْلوا بحجة على كفرهم أو تُبدَّلَ الأرضُ غيرَ الأرض والسماوات!