وأما أهل مكة فصاروا يكفّرونه ويطلقون عليه اسم الكافر. وبلغنا أنه وصل إلى مكة بعض علماء نجد لقصد المناظرة فناظر علماء مكة بحضرة الشريف في مسائل تدل على ثبات قدمه وقدم صاحبه في الدين. وفي سنة ١٢١٥ وصل من صاحب نجد المذكور مجلدان لطيفان أرسل بهما إلى حضرة مولانا الإمام حفظه الله أحدهما يشتمل على رسائل لمحمد بن عبد الوهاب كلها في الإرشاد إلى إخلاص التوحيد والتنفير من الشرك الذي يفعله المعتقدون في القبور. وهى رسائل جيدة مشحونة بأدلة الكتاب والسنة، والمجلد الآخر يتضمن الرد على جماعة من المقصرين من فقهاء صنعاء وصعدة ذاكروه في مسائل متعلقة بأصول الدين وبجماعة من الصحابة، فأجاب عليهم جوابات محررة مقررة محققة تدل على أن المجيب من العلماء المحققين العارفين بالكتاب والسنة.
وقد هدِم عليهم جميع ما بنوه، وأبطل جميع ما دونوه لأنهم مقصرون متعصبون فصارَ ما فعلوه خزيًا عليهم وعلى أهل صنعاء وصعدة، وهكذا من تصدر ولم يعرف مقدار نفسه، وأرسل صاحب نجد مع الكتابين المذكورين بمكاتبة منه إلى سيدي المولى الإمام فدفع حفظه الله ذلك إلىّ فأجبت عن كتابه الذي كتب إلى مولانا الإمام حفظه الله على لسانه بما معناه أن الجماعة الذين أرسلوا إليه بالمذاكرة لا ندري من هم وكلامهم يدل على أنهم جهال» (البدر الطالع: ١/ ٣٥٧) في ترجمة: السيد غالب بن مساعد شريف مكة وأميرها.
وقال محمد بن الحسن الحجوي - وهو من علماء المغرب العربي -: «وعقيدته السنة الخالصة على مذهب السلف المتمسكين بمحض القرآن والسنة، لا يخوض التأويل والفلسفة، ولا يدخلهما في عقيدته. وفي الفروع مذهبه حنبلي غير جامد على تقليد الإمام أحمد ولا من دونه، بل إذا وجد دليلاً أخذ به وترك أقوال المذهب، فهو مستقل الفكر في العقيدة والفروع معًا». (الفكر السامي:/ ٢/ ٣٧٢).
قلت: وهذا بحمد الله تعالى أمر واضح معروف، تدل عليه كتبه ورسائله.