للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بسبب إساءة ظنهم به، وبسط ألسنتهم فيه بالسوء" (١) كما وقع له صلى الله عليه وسلم، أنه كان واقفاً مرة مع زوجته صفية بنت حى بن أخطب رضى الله عنها، ليلاً، فمر عليه رجلان من أصحابه، فلما أبصراه واقفاً معها أسرعا فى المشى، فقال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم، "على رسلكما، إنها صفية بنت حى" فقالا: سبحان الله يا رسول الله، وكبر عليهما ذلك (٢) فقال النبى صلى الله عليه وسلم: "إن الشيطان يبلغ من ابن آدم مبلغ الدم، وقد خشيت (٣) أن يقذف فى قلوبكما شيئاً" (٤) فالخشية كانت من سوء الظن، والإشاعات الكاذبة التى قد تؤثر على بعض ضعفاء الإيمان، أو تقف عقبة فى سبيل تبليغ الرسالة، فيستغلها الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم، وهذا هو المعقول اللائق بعظيم منزلته صلى الله عليه وسلم، وإلا فمجرد الخوف من قالة الناس، وخشية الطعن منهم، مما يجب أن ينزه عنه مقام النبوة


(١) الفصل فى الملل والنحل ٢/٣١٢.
(٢) أى: عظم عليهما توضيح الرسول صلى الله عليه وسلم لهما، لأنه صلى الله عليه وسلم فوق الشك.
(٣) ليس فى هذه الروايات ما يشير إلى أنه صلى الله عليه وسلم ظن بهما سوءاً، لم تقرر عنده من صدق إيمانهما، ولكن خشى عليهما أن يوسوس لهما الشيطان، ذلك لأنهما غير معصومين، فقد يفضى بهما ذلك إلى الهلاك، فبادر إلى إعلامهما حسما للمادة، وتعليماً لمن بعده إذا وقع له مثل ذلك، فهذه الخشية كانت من قبيل الرحمة والإحسان إلى المؤمنين ليحفظ صلى الله عليه وسلم إيمانهم أهـ. ينظر: فتح البارى ٤/٣٢٨ رقم ٢٠٣٥.
(٤) أخرجه البخارى (بشرح فتح البارى) فى عدة أماكن منها كتاب الاعتكاف، باب هل يخرج المعتكف لحوائجه إلى باب المسجد ٤/٣٢٦ رقم ٢٠٣٥، ومسلم (بشرح النووى) كتاب السلام، باب بيان أنه يستحب لمن رؤى خالياً بامرأة وكانت زوجته أو محرماً له أن يقول: هذه فلانة ليدفع ظن السوء به ٧/٤١١ رقم ٢١٧٥.

<<  <   >  >>